تنوّع المهام لا يعني غياب التركيز

تنوّع المهام لا يعني غياب التركيز

في بعض البيئات، قد لا يكون من السهل قياس العمل بمظهره.
قد يظهر أحد الموظفين كأنه غير منشغل، أو كأنه يتنقل بين مهام غير مترابطة، أو يتعامل أحيانًا مع تفاصيل صغيرة وأحيانًا مع قضايا استراتيجية. هذا التنوّع في الأنماط قد يُفهم خطأ، خاصة إن لم يكن السياق الكامل  واضحًا لما يجري خلف الكواليس.

لكن الحقيقة أن بعض الأدوار تعتمد على الاستجابة الذكية، لا على التخصص الثابت.
مهام تتطلب أحيانًا تفكيرًا دقيقًا، وأحيانًا اتخاذ قرارات سريعة، وأحيانًا تفويضًا مدروسًا أو طلب معلومة صغيرة تختصر وقت فريق كامل.
من الخارج، قد يبدو التواصل غير تقليدي، أو الطلب بسيطًا جدًا، أو الخطوات غير مترابطة…
لكن من الداخل، هناك فهم متكامل للأولويات، وحرص على تقليل التشويش على الآخرين، وتوجيه الجهد نحو الأهم، حتى لو لم يكن ظاهرًا للجميع.

في مثل هذه الأدوار، التنظيم لا يُقاس فقط بالأدوات، بل بقدرة الشخص على التعامل مع المهام.
كيف يمكن إنجاز المهمة بسرعة، دون تأخير الفريق؟
كيف يمكن تلبية احتياج الإدارة، دون إرباك الفريق؟
كيف يمكن الجمع بين أكثر من مهمة دون التأثير على الجودة؟
ما ينجح في مثل هذه الحالات هو الوعي اللحظي، واتخاذ القرار الصحيح في وقته، حتى لو لم يكن ذلك ظاهرًا للآخرين.

هذا النوع من العمل لا ينبع فقط من الاجتهاد الفردي، بل يعكس انسجامًا مع مفاهيم إدارية حديثة مثل التنظيم الذاتي وإدارة الفعالية في البيئات المتغيّرة والمعقدة.
في مثل هذه البيئات، لا يكون النجاح مرتبطًا بكثافة المهام الظاهرة، بل بالقدرة على التحرك بمرونة، واتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة، وتوفير النتائج دون الحاجة إلى ضوضاء.

كما أن هذا النهج يساعد على التعامل مع تحدٍّ شائع في فرق العمل الحديثة:
صعوبة تتبّع المهام غير النمطية أو تقييمها ضمن تقارير ثابتة.
عند طلب تقرير أسبوعي أو محاولة قياس الأداء من خلال قوائم مهام تقليدية، قد لا يظهر الكثير من الجهد المبذول بالشكل المتوقع، ببساطة لأن أغلب المهام تنشأ في لحظتها، وتتغير بسرعة، ولا يمكن تصنيفها دائمًا ضمن نمط واضح.

لذلك، يصبح الاعتماد على الملاحظة، والتقييم من خلال القيمة والأثر، هو الأداة الأصدق في مثل هذه الأدوار.
ليست كل قيمة قابلة للقياس الفوري، ولكن يمكن الشعور بها في نتائج العمل، في جودة التواصل، وفي سرعة تجاوب الفريق.

من المهم أن تُفهم هذه الطريقة في العمل على حقيقتها:
ليست تشتتًا، وليست تناقضًا، وليست محاولة لتفادي المهام.
بل هي محاولة ذكية لتنظيم ما لا يمكن تنظيمه خارجيًا، وللحفاظ على فعالية مستمرة في بيئة تتغيّر باستمرار.

 

_____

كتبها: عيّاد شكري | أبويحي

#الكفاءة_الرقمية
#التقنيات_الحديثة
#إدارة_العمل
#تطوير_الأداء

AYAD CHOKRI
انتقل إلى أعلى